Uncategorizedالرأي

نجم الدين دريسة يكتب الحركة الإسلاموية سنين من الفساد والظلم


المؤسف حقًا أن يُزج بالإسلام كدين دعوة بالحسنى وشورى وعدالة وحرية ومساواة في هذا الدرك السحيق بسبب ممارسات جماعة الهوس الديني التي شوَّهت ديباجة الإسلام الوضَّاءة، لمؤسسة عقابية ارتكبت كل أشكال الفظائع والموبقات والجرائم والانتهاكات.
إن حكم هذه الجماعة البغيضة كان تجربة موغلة في السوء، وربما تكون الأسوأ في التاريخ البشري على الإطلاق. نشروا الخوف والجور وكل أشكال الظلم، وألحقوا أضرارًا بالسيادة الوطنية والأمن القومي، وأضعفوا الدولة على هشاشتها الموروثة عن المستعمر، وأدخلوا البلاد في جحر ضب خرب ضُرب عليه حصار، وصار السودان معزولًا، بل تصدَّر قائمة الدول الراعية للإرهاب. وهنا يبرز سؤال: ما هي الأسس المفاهيمية التي قامت عليها تجربة الإسلامي في السودان؟ هل هذه هي الطريقة المثلى للتعبير عن الإسلام، خاصة وأن فكرة الدولة الحديثة قائمة على المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وليس كما يتصورون؟ فالتعريف الأساسي لها هو دولة العقد الاجتماعي، وهي دولة وشعب وحدود وجغرافيا تستمد شرعيتها من الشعوب التي تقطنها، بغض النظر عن الانتماء إلى الدين أو العرق أو اللون أو الجنس أو الجهة أو الحزب. وهنا تحضرني مقولة رئيس الوزراء السوداني الراحل الأستاذ محمد أحمد المحجوب القائل:

(إذا حكمني مؤمن فلن يدخلني الجنة، وإذا حكمني ملحد فلن يخرجني منها، وإذا حكمني من يؤمن لي ولأولادي العمل والحرية والكرامة وعزة النفس فسأقف له احترامًا وإجلالًا، ويبقى دخول الجنة من عدمه رهينًا بإيماني وأعمالي، فكفوا عن التنازع على السلطة باسم الدين معتقدين أنها طريقكم إلى الجنة، فليس وظيفة الحكومة إدخال الناس الجنة، وإنما وظيفتها أن توفر لهم جنة في الأرض تعينهم على دخول جنة السماء).

وبالتالي، الشرعية لا تُستمد من كلام الله، ولكن الإسلامويين استخدموا الإسلام كأداة للوصول إلى السلطة.
الحركة الإسلاموية السودانية مارست أسوأ أنواع الفساد والاستبداد، وبالتالي يمكن أن يطلق عليها حركة إجرامية شيطانية، سمِّها ما شئت، لكن كل الشعب السوداني يعلم علم اليقين أنها صنعت الأزمات الداخلية والخارجية، وأشعلت الحروب والصراعات في كل هوامش السودان: النيل الأزرق، جنوب كردفان، دارفور، والشرق. هذه الحروب خلقت واقعًا مأسويًا، حيث راح ضحية هذه الحروب مئات الآلاف، علاوة على التهجير القسري، علاوة على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير، وهي جرائم موثقة، وبسببها اتُّهم الرئيس المخلوع البشير بهذه الجرائم.
الانهيار الاقتصادي للسودان كان بسبب التمكين عبر الاحتكار والإعفاءات الجمركية والضريبية، وفتح مجالات التصدير والاستيراد لعناصر تنظيمهم الأخطبوطي، والخلل المؤسساتي بتشريد الكفاءات والاستعاضة عنهم بموظفين من أصحاب الولاء السياسي والمناطقي والإثني، الأمر الذي قاد إلى انهيار كبير في قيمة العملة السودانية وتراكم الديون، علاوة على التضخم والبطالة، علاوة على سياسات الخصخصة التي صاحبها فساد يشيب له الولدان، وبيع مؤسسات الدولة مثل الخطوط الجوية والبحرية والنقل النهري والميكانيكي، ونهب أموال البترول وتوظيفها في الجيش والأجهزة الأمنية لقمع الشعوب. ومعلوم أن جهاز الأمن والمخابرات السوداني عُرف بأنه الأسوأ في العالم في قمع المخالفين لهم في الرأي، ولكم أن تتخيلوا جهاز أمن بدأ بدق مسمار على رأس دكتور، وانتهى بإدخال خازوق في دبر معلم، وما خفي أعظم.
بات العالم كله يهرب من السودان هروب الصحيح من المجذوم، فضُربت عليه عزلة وحصار اقتصادي، وتصدَّر قائمة الدول الراعية للإرهاب بسبب احتضانه لكل الحركات الإرهابية، وبالطبع هذا غيض من فيض فسادهم.
وعندما ثار عليهم الشعب، أشعلوا حربهم اللعينة ضد الشعب السوداني وثورته الباذخة، من أجل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والعودة إلى السلطة، لأنهم لا يعرفون غير العنف سبيلًا للوصول إلى الحكم. نعم، إنهم يفوقون سوء الظن كما قال الأستاذ محمود محمد طه، وهاهي نبوءته في طريقها للتحقق الكامل الآن، وهو القائل:

(من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة جماعة الهوس الديني، وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية، إذ إنها بلا شك سوف تكشف زيف شعاراتهم، وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسيًا واقتصاديًا حتى لو بالوسائل العسكرية، وسوف تذيق الشعب الأمرين، وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل، وسوف تنتهي بهم فيما بينهم، وسوف يُقتلعون من الأرض اقتلاعًا).

هي سبعة “سوفات” لم يتبق منها إلا واحد، ونأمل أن يتم اجتثاثهم من الأرض، وأن غدًا لناظره ليس ببعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى