
أبوعبيدة برغوث يكتب سلام يا صاحبي في دفتر جدل الهوية ،،، مذابح مدني مقابل التقسيم
الصدفة وحدها هي التي قادتني للقاء الرفيق (ين ماثيو) فى رمضان العام الماضى فى أحد مطاعم (ماما أفريكا) كان لقاءا عابرا تبادلنا فيه التحايا والمجاملات ، كلانا يود طرح السؤال حول أين يقف الآخر وان كنت اعلم أنه يعلم جيدٱ أين اقف كما انا اعلم أين يقف وان كلانا يقف بصلابة مدافعٱ عن قضايا العدالة وفق مشروع السودان الجديد الذى عملنا عليه معا طيلة تلك السنوات ، ودون التساؤل عن الأوضاع فى بلادنا ،،،
(يارفيق ان شاء الله بخير) هذه العبارة وحدها أغلق بها باب السؤال ،،، عاصرنا سنوات الهزيمة والانكسار والمجد والإنتصار فى مسار حركات التحرر العظيم والتي مثلت فيها قضية جنوب السودان مكانا لنقاشات مستمره.
القائد جون قرنق دى مبيور عندما طرح فى مفاوضات نيفاشا مناقشة القضايا القومية التى تمثل صلب مشروع السودان الجديد جن جنون المركز وهو يعلم أن ذاك الطرح يعنى نقاش مسالة إحتكار الدولة وليس الشرعية الإسلامية كما كانوا يدعون او كذلك أوهموا (هليدا جانسون) وفريقها من الوسطاء ، عندما قال لها على عثمان حق تقرير المصير مقابل الشريعة ، ولكن اعتقد أن الرجل كان يقصد الإنفصال مقابل احتكار الدولة وهذا ما كنت ساستدعيه امام الرفيق ( ين ماثيو ) لولا ان اللقاء كان حذرٱ محفوفا بالصمت والتأمل ، غادر قبل أن يكتمل السؤال ،،، وهو ذات السؤال المؤجل الذي كان محل نقاشاتى مع الجنرال (جوزيف لاقو) فى عام 2010 والتى إستمرت لأكثر من 60 يوميٱ (كان جوزيف لاقو سودانيا خالصا مؤمنا بعدالة قضيته وعنده الثورة مثل الإيمان تزاداد درجاتها أو تنقص من شخص إلى آخر ولكن يبقى عند المتصوف المؤمن بالله سلوك او هكذا هى الثورة ) تحدثنا عن تفاصيل عديدة ، ولكن ما أن بدأت نشر إفاداته فى حلقات عدة حتي عاد مجددٱ جدل الهوية وهو حسب اعتقادنا آنذاك هو الذى مهد للإنفصال ، خاصة وأن المركز وتنظيم الجبهة الإسلامية أطلق حملة رفض قبول الآخر وأطلق العنان لأجهزة الإعلام والصحف لنشر خطاب الكراهية بين السودانيين ومثلت صحيفة الانتباهة العلامة الأبرز فى الترويج لذلك وبين هذا وذاك طوى المركز قضية حقوق المنطقتين جبال النوبة والنيل الازرق عبر المشورة الشعبية وفق بروتوكول نيفاشا الموقع بين الطرفين.
تابع الملايين من السودانين خطاب قائد الدعم محمد حمدان دقلو الأخير بشغف وتأمل فى مسار التحولات الكبيرة فى مسيرة الدعم السريع من قوة مقاتلة إلى مشروع سياسى يعمل مع الآخرين فى إعادة بناء الدولة السودانية وفق أسس جديدة تأتى وفق تقديرات مشروع السودان الجديد وهو المشروع الذي نظر له الدكتور جون قرنق ،
أعتقد أن هذه المشروع كان يقض مضاجع الدولة القديمة وجعلها ترتجف بعد ان فشل مشروعها الدينى فى توحيد السودانيين حول السلطة المطلقة لأهل المركز الذى يعمل على قطع الطريق أمام مشاركة الآخرين فى القرار ، إعتقد أن الكثيرين من أتباع الدولة القديمة يعتقدون ان برحيل قرنق وانفصال الجنوب ان مسالة مشاركة الآخرين واعادة بناء الدولة وفق أسس جديدة قد فشل وأنهم مستمرون فى السيطرة على الدولة ولكن دعوات المظلومين وصراخات النساء والاطفال أعادت السودان الى مسار العدالة بظهور القائد الملهم محمد حمدان دقلو وهو يتبى مشروع السودان الجديد وهو طرح يلتقى مع الآخرين من القوى الحية والتى تتمثل فى الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو فى كردفان والنيل الازرق وحركة عبدالواحد محمد نور وحركات الكفاح المسلحة ليتبلور هذا التلاقى إلى تحالف سياسى عسكرى مدنى عريض يعمل على بناء الدولة السودانية وأعتقد أن خطاب حميدتى أخبر الذين مازال يحلمون باستمرار السودان القديم ان ذلك غير ممكن وان عليهم ان يعملوا مع الآخرين فى التاسيس لوطن يسع الجميع بعيدٱ عن فكرة التقسيم والإنفراد بالدولة…
إن ما جرى لسكان الكنابى ومواطنين آخرين دخل مدنى والقرى المجاورة من مجازر وقتل على اساس الهوية واللون العرق هو امتدادٱ لمشروع الاحتكار الذى اعتاد النخب على استخدامه حتى تتمكن من الانفراد بالدولة ومؤسساتها مقابل كل حركة مطلبية تطرح مناقشة القضايا القومية ،،، فتبنى قادة الجيش خطاب الكراهية وروجوا له وتعالت أصوات طرد الآخرين ، وابدوا استعدادهم لتقسيم السودان ، كل ذلك مهد لمذبحة مدنى بل شرعن لها لذا لا مناص امام الدعم السريع والقوى المدينة وحركات التحرر إلا أن ترتب صفوفها وتعمل على بناء تحالفات تتبنى نقاش القضايا القومية حتى تؤسس مع الآخرين لوطن يتفاخرون به يعيش فيه كل السودانين متساويين ومتسامحين .
الجمعة 17 يناير 202م