
الجميل الفاضل يكتب. عين علي الحرب ولما يتحدث “البشير” اليوم بلسان قوم “عاد”؟!
عندما أستعيد نظام البوربون الملكي في عام (1815)، قال السياسي الفرنسي شارل تاليران عن البوربون: “إنهم لم يتعلموا أي شيء، ولم ينسوا أي شيء”.
فآل البوربون الذين أطاحت بعرش ملكهم العائلي المتوارث “الثورة الفرنسية”، إستطاعوا بسقوط نابليون إستعادة عرش فرنسا، ليبدأوا فصلا إنتقاميا عنوانه، تصفية الحساب مع الثورة التي عصفت بملكهم، رموزا وقادة ومنجزات، في محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء، قبل أن يستدعي ذلك إنفجار موجة ثانية من الثورة لتنهي مغامرتهم، وترمي بهم في مذبلة التاريخ.
فقد ذهب “آل البوربون” الذين لم يتعلموا من دروس التاريخ ماذا تعني “ثورة”، فيما بقيت “الثورة” نبراسا ملهما يضيء دروب التغيير إلي يومنا هذا، لكافة شعوب الأرض المغلوبة علي أمرها.
هذه الصورة لم تفارق ذهني وأنا أستمع لرسالة بصوت المخلوع عمر البشير يقول فيها: “الحرب قاربت على الإنتهاء، فلو لم نأخذ الحقوق بالقوة والعنف، ولو لم نسترد مكانتنا بالقوة، سيحدث لنا ماحدث فى الفترات السابقة.
لذا أناشد كل العضوية والقيادات، وكل عناصر الحركة الإسلامية، لابد من التهيئة لمرحلة قادمة نحتاج منها القوة والمواقف، حتى لا تختطف منا القيم والدولة، مثلما تم إختطافها فى الخمسة سنوات السابقة.
لابد تجهيز المكاتب للمرحلة القادمة.
هذه الدولة تركناها خمسة سنوات رأيتم الدمار الذي حدث.
رأيتم ماحدث عندما إنزوت الحركة الإسلامية من العمل العام، وتركوا الدولة لل”قحاطة” ليركبوا فى الدولة، ويركبوا فى الناس.
يجب أن نقف أمام أى الة وأمام أي شخص، ولا يوجد أرجل منا، ولا يوجد من هو أقوى منا، ولا يوجد من هو متعلم أكثر منا، وليس هناك من لديهم تجربة أكثر منا، ولا يوجد من لديه تجربة فى الحرب والموت أكثر منا”.
ثم قبل أن أفرغ من سماع الرسالة الصوتية المنسوبة للبشير، طالعت منشورا للقيادي بالحركة الإسلامية أمين حسن عمر، علي موقع “فيس بوك” يقول: “إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إرتقت به”.
مضيفا: ” لو أن الفريق أول البرهان رقي إلى رتبة المشير أو رتبة المهيب التي اختراعها صدام حسين فوق المشير، لما أرتقى بمثلما إرتقت به عقوبات أمريكا”.
علي أية حال فإن هذه الصورة تعكس بجلاء، أن هؤلاء الإسلاميين أيضا لم يتعلموا الي الآن أي شيء، ولم ينسوا كذلك أي شيء.
شأنهم شأن “آل البوربون”، وشأن “فرعون” الذي أغرق وهو يقول: “أنا ربكم الأعلي”، و”النمرود” الذي أهلك وهو يقول: “أنا أحيي أميت”، و”عاد” الذين قالوا كقول البشير: “من أشد منا قوة”.
فقد زين لهم الشيطان أعمالهم، بمثل هذه التوهمات الكبيرة في التعويل علي القوة والعنف، ليقعوا من ثم في فخ الإستدرج، من حيث لا يعلمون بالضرورة، لكي يمهدوا هم بأنفسهم، متي فرحوا بما أوتوا لأخذهم هكذا بغتة، وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد.
فإن من أمنوا مكر الله، وظنوا أن ليس ثمة أرجل، أو أعلم، أو أقوي، أو أكثر خبرة وتجربة بالحرب والموت منهم، في النهاية هم وحدهم الخاسرون، إذ أن الرسول الكريم (ص) يقول: “إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته”.
فإن ضربا من إرتداد الكيد الي النحر لا محالة هنا واقع، وصورة من صور إحاقة المكر السيء بأهله لابد والحال هكذا، أن تكون.
ومعني من معاني أن يأتي تدبير قوم، هو لتدميرهم أرجح.
فالآخذ رب ومن المستحيل بالطبع أن يفلت، وقد شرح الفقيه “إبن القيم” معددا مالآت الظالمين ومداخل أخذهم بقوله: “قد شاهد الناس عيانا أنه من عاش بالمكر، مات بالفقر، وأن من مكر بالباطل مكر به، ومن أحتال أحتيل عليه، ومن خادع غيره خدع”.
علي أية حال في ظني، أن هؤلاء القوم لن يرعووا مهما قلنا لهم اليوم، لطالما أنهم قد بلغوا هذا المنحدر الذي هو أقرب الآن لهاوية السقوط النهائي، ومن ثم الإقتلاع.