
ابوعبيدة برغوث. سلام ياصاحبى يكتب نيروبى ٫٫٫٫ اللهو بالخرز !!
كانت العاصمة الكينية (نيروبى) المحطة المهمة فى مسار نقاشاتنا التى بدأت منذ وقت مبكر حول كيف يحكم السودان
تعرفت في هذه المدينة العتيقة على صديق من طينة الأفارقة القدامى ثائرآ مسكون بالتاريخ والثقافة مدرك لطبيعة الصراع فى السودان وصل هو الآخر إلي نيروبي مع آخرين
سألنى اذا لم امانع أن أرافقه لزيارة بعض معالم هذه المدنية الساحرة.
ونحن فى طريقنا الى زيارة تلك المعالم شدنى منظر تلك الطاعنة في السن التى تحاول أن تعبر الطريق لكنها تواجه صعوبة في العبور لتتوقف الحركة تماما احترامٱ وتقديرٱ لأسبقية السن فالناس فى إفريقيا مازالوا يحتفظون بتقاليدهم القديمة ويلقنونها لأطفالهم باستمرار وبينما تلك العجوزة تعبر بهدوء وبخطوات بطئية تقدمت نحوها سيدة لم تتجاوز الثلاثين من العمر لتساعدها ثم انحنت نحوها وأمسكي بيديها فسقط وشاحها لتستبين ملامحها على براءه تبدو كالشمس عند اشراقتها الاولى وتعلو جبينها نقوش من الوسم الإفريقى العريق كأنه ثوب من الحرير مطرز بالذهب يقاطعه خيوط الكحل كما يقاطع الضوء خيوط الظلام ويشع من تلك العينين الزرقاويتين نورٱ يملاء الدنيا ضياءٱ وٱملٱ ليعكس فى مرايا الروح ذلك الوجه المشرق كالقمر تقف بكل شموخ ثم تعيد وشاحها الى راسها.
ظلت العجوزة تتمتم بعبارات الشكر والدعاء لها بأن يساعدها الله وظلت واقفة لأن التقاليد تشير الي أن الكبار عندما يتكلمون فعلى الصغار الصمت والاستماع لهم وكانت يدها لم تكف من اللهو خجلا بعقدها المسدل على جيدها وكانها تبحث من تحت الخرز عن مكامن الجمال ومن ثم بحياء الحسناء المعهود استدارت كدرويش مسه الورع فى حضرة الصالحين الذين يجلبون المطر وتلد النساء على بركاتهم باذن الله فودعت العجوزة ومضت فى حال سبيلها لتفسح الطريق للمارة لكنها لا تدرى بانها تركتنا نفتتن بالأفق الماثل أمامنا و تركت ابتسامة على وجوه القادمين
عادت بنا تلك اللحظة إلى نقاشات التوقيع على (ميثاق السودانى التاسيسى) الذي وقعت عليه القوى السياسية والمدينة و العسكرية وهو فى اعتقادى تتويج للطرح الذى صاحب سنوات 1984 التى دارت فيها حوارات بين قرنق ويوسف كوة فى ذاك اللقاء الذى جمع بينهما.
ضحك المحارب وهو فى غمرة حزنه المقيم عندما استدعى قرنق النكتة عن الأب فليب عباس غبوش وهى فيما بعد كتبت الإطار الفكرى لمشروع السودان فكان غبوش مصدر إلهام الثورة وكان اللقاء الأول الذي الجميع بين يوسف كوة وقرنق شبيه باللقاء الذى جمع بين عبدالرحيم دقلو وعبدالعزيز الحلو والزعيم فضل الله برمه ناصر رئيس حزب الامة الذى انحاز الى مشروع التحرر وخلاص السودانيين من هيمنة المركز ونظام النخب السياسية وهو نظام يماثل نظام جنوب افريقيا ابان سنوات الفصل العنصرى – مثل هذا الانحياز نقطة تحول فى موقف حزب الأمة فى مسار العمل مع الآخرين وكتب معهم ديباجة الدستور السودانى الجديد الذى حوى الحقوق والمساواة بين السودانيين في تأسيس يحمل بين طياته تطلعات الشعوب المقهورة المتطلعة للانعتاق والتحرر من الهيمنة والعبودية البغيضة.
*وسلام يا صاحبي*