Uncategorizedالرأي

15أبريل: عامان على الحرب التي التهمت السودان – تواطؤ، مجازر، إنهيار إنساني وأخلاقي.


في 15 أبريل 2023، استيقظ السودانيون على أصوات الانفجارات والرصاص في قلب العاصمة الخرطوم، لتبدأ حرب لم تكن مفاجئة لمن تابع تحركات عناصر النظام البائد الذين مهدوا لها عبر حملات تحريضية، قبل أن تُنفّذ فعليًا بواسطة الجيش السوداني مدعومًا بكتائب إسلامية متطرفة مثل “البراء بن مالك” و”بنيان المرصوص” و”البرق الخاطف”، في عودة صريحة لعقيدة الجهاد السياسي والعنف المؤدلج.

اليوم، وبعد عامين كاملين، تُسجّل هذه الحرب كواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. وفقًا لتقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) في يناير 2025:

“نزح أكثر من 10 ملايين شخص داخليًا وفرّ أكثر من 2.5 مليون عبر الحدود، مما يجعل أزمة السودان أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً”.

وأضاف التقرير أن:

“الوصول الإنساني إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع لا يزال شبه معدوم، بسبب القيود التي تفرضها القوات المسلحة السودانية على دخول المساعدات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني”.

في مناطق سيطرة الدعم السريع، يُحرم المدنيون من الغذاء والدواء، بينما يُمنع الطلاب من الجلوس للامتحانات، وتُحرم العائلات من استخراج الوثائق الثبوتية. أحد شهود العيان من شرق النيل قال لموقع Relief Watch:

“أوقفونا في الحاجز وقالوا لنا: أنت من سكان الحاضنة… ما عندك ورق… ما عندك امتحان… عندك صاروخ.”

في مثال فج على هذا الانحراف الأخلاقي، تم تداول تعبير “صانع الكباب العظيم” بين جنود ومؤيدي الجيش على وسائل التواصل الاجتماعي، في وصفهم لضرب المدنيين من الجو. أحد التقارير الاستقصائية لموقع JusticeAfrica.org وصفه بأنه:

“أحد أكثر الشعارات سقوطًا أخلاقيًا في تاريخ الحروب الحديثة… يعكس ذهنية عقابية تُجرّم الجغرافيا والانتماء العرقي.”

وإلى جانب الحصار والتجويع، جاءت المجازر. ففي ولاية الجزيرة، استهدفت وحدات من الجيش والكتائب الإسلامية سكان الكنابي من أبناء غرب السودان وجنوب السودان، في جرائم موثقة بالصوت والصورة. تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في مارس 2025 أفاد:

“قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معه ارتكبت انتهاكات ممنهجة، بما في ذلك الإعدام خارج القانون والاغتصاب الجماعي، خاصة في مناطق أبو قوتة والمناقل.”

أما في الخرطوم وبحري وشرق النيل، وبعد انسحاب قوات الدعم السريع، نفذت القوات الحكومية عمليات تصفية واسعة ضد الناشطين والثوار، حيث تم العثور على جثث عشرات الشبان في نهر النيل، بعضهم موثق الانتماء للجان المقاومة. إحدى الناجيات روت في مقابلة مع قناة DW الألمانية:

“قالوا لنا أنتم عملاء… ربطونا في باص… أطلقوا النار على إخوتي أمامي، فقط لأنهم من الثورة.”

إن مرور عامين على هذه الحرب لا يعني النسيان، بل يُحتم على كل صاحب ضمير أن يطالب بوقف النزيف ومحاسبة المتورطين في إشعالها وإدامتها. إنها ليست مجرد حرب بين طرفين، بل حرب أُريد بها سحق الشعب، وإعادة السودان إلى عهد الطغيان المقنع بعباءة الدين.

فلنُخلد هذه الذكرى ليس فقط بالبكاء على الضحايا، بل بكتابة شهادتهم، ونقل أصواتهم، والتمسك بوعد ثورة ديسمبر المجيدة:
حرية، سلام، وعدالة… والثورة خيار الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى