Uncategorizedالرأي

فاطمة لقاوة يكتب منسم”!حين تصادر النخب حُلم النساء الثوريات


في أبريل من عام 2019م، وبين أمواج الجماهير التي إحتشدت أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم، وُلدت مجموعة النساء السودانيات السياسيات المدنيات “منسم” كامتداد لروح الثورة السودانية، وتجسيد لحلم طويل بالعدالة والمساواة ورفع صوت النساء في الفضاء السياسي.
آنذاك، بدت “منسم” كمبادرة نسوية رِاديكالية تخرج من رحم الميدان، تسعى لإعادة تعريف العمل السياسي المدني من منظور قاعدي يشمل كل النساء، لا سيما من الهامش والمناطق المتأثرة بالحرب والتهميش.
لكن بعد مرور سنوات قليلة، عادات نساء النخب السياسية والإجتماعية والإقتصادية إلى الإحتكارية وتدجين مُعظم نساء منسم ليكونن تُبع.
غدا موعد انعقاد مؤتمر مجموعة “منسم”العام،في القاهرة وكمبالا، وبمشاركة عبر الزووم لبقية الدول من مناطق أخرى حسب الإنتقائية المُتبعة،أظهر التصدعات بوضوح.
تحولت “منسم” من كيان تشاركي مفتوح، إلى مجموعة تتحكم فيها نخب مركزية تمارس إقصاءً ممنهجًا لكل من يطرح أسئلة التصحيح والتجديد،نساء من قلب الخرطوم ومن خلفيات أكاديمية ومهنية ناعمة، أصبحن المتحدثات الوحيدات باسم “المرأة السودانية”، بينما تُهمّش النساء الناشطات من الهامش، ومن معسكرات النزوح،
ومن واقع التجربة والمعاناة.
هذا الواقع يدفعنا إلى العودة للمقارنة مع الجيل النسوي الرائد الذي صنع التاريخ، وفرض وجوده في أصعب الظروف، دون دعم خارجي أو مظلات مؤسسية.
فاطمة أحمد إبراهيم، فاطمة القدال، خديجة حسين – زوجة اللواء برمة ناصر ومؤسسة منظمة “أمهات السودان”، وبخيتة الجبوري، التي أثبتت كفاءة نادرة في العمل التنفيذي خلال فترة مايو، كلهن كن رموزًا لحركة نسوية مرتبطة بالناس،
متجذرة في قضاياهم، ومبنية على وعي سياسي وإجتماعي وثقافي متكامل.
هؤلاء النِسوة لم ينتظرن مؤتمرات دولية ولا تمويل خارجي ليُسمعن أصواتهن.
خرجن إلى الشارع، كتبن، نظّمن، ودفعن من أعمارهن ثمناً لتمكين المرأة السودانية دون الإلتفات إلى لونها أو شكلها او إنتماءها المناطقي أو الحزبي.
أما بعض من يتصدرن مشهد اليوم، فقد وقعن في فخ التمثيل “المرضي عنه”، وانشغلن بإدارة الصورة أكثر من مواجهة القضايا،وإنغمسن في التبعية العمياء و إستخدام إساليب الخداع السياسي من أجل السيطرة.
ما تعانيه “منسم” اليوم لا يُختزل في خلل تنظيمي أو سوء تنسيق، بل يكشف أزمة أعمق في بنية المشروع النسوي المدني الحالي، الذي– برغم نواياه النبيلة – يكرر مركزية الإقصاء ذاتها التي ثارت ضدها النساء في 2019م.
لقد آن الأوان لمراجعة جذرية داخل هذا الكيان، ولإعادة الإعتبار
لأصوات النساء من خارج الخرطوم، من معسكرات النزوح، من الأسواق، من المدارس الريفية، ومن الخطوط الأمامية للحياة اليومية في السودان.

فبدون عدالة داخل الحركة النسوية نفسها، لن يكون هناك عدلٌ في أي مشروع سياسي قادم.
ولنا عودة بإذن الله
الجمعة،٩مايو/٢٠٢٥م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى