Uncategorizedالرأي

أبوعبيدة برغوث يكتب سلام يا صاحبي أبونوبة رجل مثل السيف


عندما عبرت ردهة صالة الوصول كان الليل فى خواتيمه وهو يلملم ستائر صمته المهيب ، دفعتنى الأقدار أن أصل تلك الديار التي سلكنا فيها طرقا شبه منسية لاهلها ، هي طرق إرتبطت بالمحاربين القدامى الذين قادوا حرب التحرير فى بلادهم ، ويأتي الحديث عن تلك الأمكنة بشئ من القداسة ، يسردون قصص أجدادهم ورحلة نضالهم العظيم ، أو هكذا هى المدن مثل الإنسان تعيش على صورتها في مخيلة الآخرين…
إسمه (فيكادو) هو دليلى أو قل معلمى فى تلك الرحلة التى تسلقنا فيها الجبال العاليات الشاهقات الشامخات ، رجل مثل السيف ثورى عتيق ،،، سألني عن طبيعة الصراع فى بلادى ولكن لم يسألني عن مسار الحرب الآن وتحاشى طيلة الرحلة الخوض فى تفاصيلها ، وقتها قاطع صمتنا نبٱ رحيل أحد أعمدة الحكمة فى السودان عمنا العمدة (عبد الله مصطفى ابونوبة) وهناك سألنى مرافقى عنه قلت له هذا رجل حكيمٱ إستطاع أن يبنى فى جنوب دارفور جسرٱ من الأخاء والإلفة والمحبة بين السكان هناك ، فى وقت كان فيه الحديث عن مورثات أجدادنا وتراثنا وأعرافنا فى العيش مع الآخرين من المحرمات ، كان شجاعٱ فارسٱ يؤمن ان حياة الإنسان يجب أن تكون فى خدمة الآخرين ودفاعٱ عن الحق وإنصاف المظلومين لذا أحبه الناس وأحبهم ، إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض.
كان ابونوبة إسم من أسماء أجدادنا المحفورة فى ذاكرة التاريخ القديم حيث كان واحدٱ من الذين ظلوا أحياء ليخبرونا ان الحياة بشرف ممكنة وان الاجداد تركوا لنا أثر علينا السير فيه.
أمس نعت جنوب دارفور واحدٱ من قادتها وحكمائها ، وشهدت منطقة ام ضوٱ بان الآلاف من رجالات الإدارة الأهلية و المواطنين يتوافدون إلى هناك معزين فى هذا الفقد الجلل العظيم ، كان ابونوبة رقيقا مثل شفق الصباح ودودا مثل نسمة دعاش عز الهجير كريما كمطر القبلي صبوحا كضحكة الأطفال ، عابدا تقيا نقيا ورعا ، صوفيا متبتلا ، وسيما أنيقا نظيف اليد عفيف اللسان ، ذو هيبة وإحترام في غير حدة، ذو عزم ورأي ، يجهر بالحق وينصف المظلوم، كانت داره ملاذ الضعفاء ومجمع الحكماء ومجلس الكرماء ، لا تحصي شمائله ولا توصف فضائله ولا يحاط بجمائله ولا تدرك نوائله ، عرفته الجوديات ومجالس الصلح والرواكيب مصلحا بين الفرقاء ومطيب خاطر الخصماء ، وبرحيلة فقدت الإنسانية واحدٱ من رجالها وعلما من أعلامها وفارسا من فرسانها.
نسأل الله له الرحمة والمغفرة والعتق من النار وأن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن يجعل الجنة مستقره ومثواه وأن يغسله بالماء والثلج والبرد وينقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأن يجعل البركة في عقبه وذريته وأن يصبر أسرته وأهله وأصدقائه وعارفي فضله، إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى