
ضوالبيت يوسف أحمد يكتب أطراف سلام جوبا واللهث وراء لعق بوت الجلاد
تم التوقيع على إتفاقية جوبا لسلام السودان في أكتوبر ٢٠٢٠ وحددت الاتفاقية مدة ٣٩ شهراً كفترة إنتقالية تم فيها تخصيص نسبة 25% من الحقائب الوزارية ومقاعد البرلمان لشركاء السلام لكنها لم تخصص وزارات أو إدارات بعينها لقادة الحركات بل الأمر خضع للتشاور والهارموني بين مكونات الفترة الإنتقالية وهم المكون العسكري والحرية والتغيير وأطراف سلام جوبا وفي الحديث عن وزارة المالية دار نقاش طويل حول ما إذا كان يتولاها جبريل إبراهيم حسب ما نسب لدرجته العلمية في مجال الإقتصاد وسبق أن كتبت له في صفحته الشخصية على منصة X أنك تستطيع بتلك الشهادة أن تدرس بها طلاب كليات الإقتصاد في الجامعات ولكن ليس بإستطاعتك أن تدير بها شؤون العباد في بلد كالسودان والذي خُرِّبَ إقتصاده عمداً لمدة تزيد عن الثلاثين عاماً .
للإتفاق على مَن يتولى وزارة المالية دار نقاش طوييييييل بين المكونات وقد لاحظ الكثير ميول المكون العسكري ورغبتهم الأكيدة ودعمهم اللامحدود في إتجاه أن يتولى جبريل إبراهيم تلك الوزارة وكانت واضحة أيضاً رغبة تيار الإسلاميين والمجموعات الداعمة لهم
بينما أبدت مجموعات كبيرة من مكونات الحرية والتغيير رفضها القاطع لتولي جبريل لتلك الوزارة المهمة لإرتباطها بالديون الخارجية والدعم الخارجي والقروض والمنح التي سوف يتحصل عليها السودان بعد سقوط نظام البشير وذلك لأن الكثير منهم يرون أن إرتباط جبريل بالإسلاميين وخاصة علاقته بملف أسامة بن لادن الذي تسبب في حرمانه من حق اللجؤ السياسي في بريطانيا قد يكون عائقاً لتقبل المجتمع الغربي والمنظمات والمانحين والمؤسسات المالية الدولية مما يحرم السودان والشعب من الحصول على تلك الدعومات. وهذا الإتجاه إن خلا من أي رائحة منتنة هو إتجاه صحيح والقائلين به محقين .
تردد دكتور عبد الله حمدوك كثيراً في إعلان التشكيل الوزاري لعدم التوافق لتولي جبريل إبراهيم وزارة المالية لكنه إستجاب للضغوطات من محمد حمدان دقلوا حميدتي حسب ما رواه حمدوك نفسه أن حميدتي ضغط عليه لقَبول تولي جبريل لتلك الوزارة للمساهمة في دفع مستحقات إتفاقية جوبا لسلام السودان.
ما الذي حدث بعد ذلك؟؟
ساهم حمدوك بشكل كبير في إقناع الصناديق الدولية والمانحين والدول لعِلاقته بتلك المؤسسات المالية بحكم عمله في مفوضية الإتحاد الأفريقي ساهم في إقناعها بإعفاء جزء من ديون السودان كما وافقت بعض بويتات التمويل للمساهمة في تخفيف حدة الفقر وكانت إستجابتها بناءً على ثقتها في حمدوك بوصفه رئيس الحكومة وليس لعلاقتها أو ثقتها بوزارة المالية التي يتولاها الإسلامي ذي الصلة بملف بن لادن الموصوم بالإرهاب الدولي . وقد ذكر ذلك جبريل إبراهيم نفسه عقب عودته من أميركا عقب إنقلاب ٢٥ أكتوبر المشؤوم . أن الخواجات قالوا ما بدعموا السودان طالما هو موجود في هذه الوزارة .
ثمة محاصصات تمت بمنح حركة مناوي منصب وزارة المعادن وذهب هو حاكماً لإقليم دارفور دون أن تتم مناقشة قانون حكومة الإقليم ذهب هو حاكماً وليس هناك لوائح حتى تنظم العلاقات الرأسية والأفقية بينه وولاة الولايات الذين يعينهم رئيس الحكومة وليس حاكم الإقليم
بقيام حرب ١٥ أبريل والتي ساندت فيها مجموعتي جبريل ومناوي نخب المركز للحفاظ على مكتسباتهم التاريخية والمصالح الإستراتيجية التي من أجلها رفع أبناء الهامش السلاح في وجه نخب المركز المسيطر على موارد البلاد وثرواتها ومفاصل الدولة فيها من الأمن والخدمة المدينة والإقتصاد.
ولأن حرب ١٥ أبريل كانت فرصة تاريخية لأبناء الهامش أن يتوحدوا ضد عقلية نخب المركز الخربة كما سماها أحد رفاق الأمس الذين آثروا لعق بوت الجلاد. كان الأجدى أن تتوحد أفكار وعقلية وسلاح أبناء الهامش الغلابة ضد تلك العقلية لفرض المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد لإنهاء حالات الظلم الإجتماعي طويل العمر الممارس من قِبَل عصابة المركز ووضع حد للتهميش المتعمد لأقاليم بعينها وإيقاف نهب ثروات البلاد وبالتالي إيجاد حل جذري للأزمة السياسية في السودان تقف من خلاله آلة القتل والدمار وإعمال مبدأ العدالة والعدالة الإنتقالية وإنهاء حالة الإفلات من العقاب وتسليم الذين صدرت في حقهم أوامر قبض من المحكمة الجنائية الدولية مما يمهد الطريق لمصالحة وطنية يكون أساسها الإجماع على وحدة السودان والتحول من مرحلة الحروبات إلي البناء والتعمير وإزدهار وصولاً لرفاهية شعبنا بعيداً عن العنصرية والقبلية وقريباً من الوطنية وحب الوطن الذي يقدم الخير والسعادة والأمل والتفاؤل والرفاهية للمواطنين بدل القتل والفتن والحروبات.
لكن هيهات فبدلاً من كل ذلك تحول الذين حملوا السلاح في وجه المركز لتحقيق كل ما تقدم تحولوا إلي مدافعين عن النخب الحاكمة المسيطرة وفي المقابل ظل أهلهم وذويهم وبني جلدتهم مشردين في أكواخ معسكرات النازحين واللاجئين ومشردين في عواصم الدول ذليلين يتسولون لإطعام أبنائهم الذين فقدوا التعليم.
تحول مناضلي الأمس من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية إلي مرتزقة يقاتلوا من بقاء نظام الإبادة الجماعية والفصل العنصري في سدة الحكم ممارساً لهوايته المفضلة هي التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية لمجتمعات بعينها.
تحول المقاتلين من أجل تغيير نظام الحركة الإسلامية من السلطة وبناء سودان العدالة والمساواة إلي مرتزقة مقاتلين لحماية النظام الفاشي الفاشل الفاسد الفاسق القاتل كل ذلك من أجل بقائهم في السلطة وخدمة أجندة شخصية وأسرية ضيقة ممارسين في ذلك أسوأ أنواع الإنتهازية والأنانية ضاربين بالأهداف والقيم والمبادئ التي نشأت عليها الثورة بأرض الحائط..
وهاهي أبواقهم هذه الأيام تصرخ وتتباكى على المحاصصات الجارية لتشكيل حكومة فاقدة للشرعية التي قد تفقدهم الوزارات التي منحوها لهم وفق إتفاقية إنقضى أجلها. ولم تنص الإتفاقية على تخصيص وزارات بعينها كما فعلت إتفاقية نيفاشا ولكن لأن الذين ينادون بالديمقراطية تجدهم أكثر الناس حرصاً على محاربتها والكنكشة في مواقعهم وخير دليل على ذلك رئيس حركة تحرير السودان الذي ظل مكنكشاً في رئاسة الحركة منذ مؤتمر حسكنيتة الذي طعن الحركة في خصرها .
أما جبريل الذي جاء لرئاسة الحركة حين غفلة من الزمان بعد إستشهاد شقيقه الذي ما يزال يكتنفه الغموض فهذا الجبريل أغلق مكاتب الحركة في شارع ٢٧ العمارات حتى لا يكون مكاناً يلتئم فيه عضوية الحركة وقياداتها الذين كانوا يتحدثون بجدية عن ضرورة قيام المؤتمر العام للحركة وذلك لإختيار قيادة جديدة للحركة وأجهزتها التشريعية والتنفيذية وفقاً لدستور الحركة ولكن لأن المدعو صاحب الحركة الذي حولها لشركة تجارية يغتات منها على أرواح ودماء الشهداء ودموع الثكالى والأرامل والأيتام فظل ممسكاً برئاسة الحركة وإن قرر تركها فإن وريثه قد أعد عدته ليكون البديل لأخيه غير الشقيق.
لذلك كان طبيعياً أن يتمسكوا بالحقائب الوزارية التي ظلوا ينهبوا منها ثروات وخيرات البلاد والعباد الذين سيحاسبونهم عليها عن دائر المليم وقتما شاء ذلك.
من سخرية القدر أن مناوي وجبريل كانا يخططان للحصول على مواقع قيادية أكبر من تلك كرئاسة مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس السيادة نظير مشاركتهما في الحرب التي قتلت السودانيين وشردتهم وأذلتهم وأوردتهم مورد الهلاك لكن البرهان وعصابة المركز دبروا مكيدة إشاعة إلغاء إتفاقية جوبا وضرورة أن يستقل رئيس الوزراء الجديد في تشكيل حكومته غير الشرعية بالكفاءات هنا تقهقر جبريل ومناوي للقتال من أجل المحافظة على ما عنهدهم وهي سياسة لعبها عصابة المركز حتى يفكر أولئك فيما عندهم دون التناطح لأكبر من ذلك ههه
عقلية نخب المركز لن تتغير طالما هناك من يسهل إستعبادهم وإستغلالهم مثلما يستخدمونهم الآن لتحقيق مكاسبهم ورميهم في الزبالة
البديل هو الرجوع لصوت العقل والإنضمام لتحالف السودان التأسيسي تأسيس وتشكيل حكومة الوحدة والسلام لوقف الحرب ومعالجة الكارثة الإنسانية لبناء دولة المواطنة .
ضوالبيت يوسف أحمد
Kabale Uganda
27 يونيو 2025