
سلام ياصاحبى ابوعبيدة برغوث يكتب السودان جدل الهوية مجددا
عاد جدل الهوية مجددا إلى نقاشات السودانين من خلال حرب 15 أبريل التى أشعلها فلول النظام البائد فى محاولة بائسه منهم لقطع الطريق أمام تأسيس دولة العدالة والحريات.
كنت قد حضرت تلك النقاشات من قبل فى إطار مشروع السودان الجديد ما بين فاروق جاتكوث والطيب مصطفى صاحب (الإنتباهة) ثم هاهي تعود مجددا مابين عمسيب والإنصرافى من جهة وعبدالمنعم الربيع وعيسى ودأبوك من جهة أخرى وما بين هذا وذاك إستدعيت ذكرى رحيل صديقى (سبت أرنست لبدو) الذى رحل بالخرطوم ، كان لبدو سودانيا مخلصا أفريقيا ملتزما لقضايا العدالة والتحرر ، عايش عن قرب ثوار السامبا ( زائير) أنصار المناضل الأفريقي العظيم باتريس لولممبا ، وطرحت تلك السنوات لدى أرنست تساؤلات عديدة عن الهوية وصارت وأحدة من مشاغله اليومية ، ظل يبحث فيها عن إجابة وسط الحاضرين فى مشهد بلادنا المائل ، وأذكر فى أحد المرات دار نقاشا عميقا بيننا دفعنى أن أقول له ياصديقى لا تتعب كثيرا فى البحث عن أشياء غائبة هنا ونحن ننتمى لبلد خلقنا فيه غرباء أو هكذا قد أرادوا لنا.
كان عندما يحتد النقاش حول الإنتماء للسودان كانت تلك التساؤلات المحيرة التي لم نقف على تفاصيلها ونحن واقعين تحت أسر دعاية المركز التى تصف كل من يسأل أو يطالب بالعدالة بالخائن او العميل ، ولم تتفتح بصائرنا إلا عندما طالعنا مشروع السودان الجديد ورؤية القائد الدكتور جون قرنق دى مبيور ، أدركنا حينها أن لنا تاريخا وأننا نتعرض لأكبر عملية سطو يشهدها التاريخ الإنساني المعاصر وأكبر عملية طمس هوياتي لمجموعات سكانية ، وقتها قلت له ياصديقى إننى أدركت الآن لماذا غاب الخليفة عبدالله التعايشي عن كتب التاريخ ، ضحك صديقى ثم قال مازحا ود توريشين كان الأسواء فى كتب التاريخ ولم يكن وطنيا بل بربريا أو هكذا صوره لنا التاريخ الذى كتبه هؤلاء ، وإن كانت الحقيقة أن الخليفة كان وطنيا مخلصا ملتزما منحازا للسودانوية.
كنت أستمع لأرنست والغصة تجعل حباله الصوتية تحبس العبارات فتأتى مخنوقة باكية ، وقتها يقاطع صوت (شادن) تلك اللحظة وهى لحظة ما بين الحزن والنهوض والأمل ، كانت شادن هى الأخرى كرست منذ وقت مبكر حياتها لمشروعها الوطنى الكبير وعزمت أن تقدم فن البادية الأصيل وثقافات سكان الأرض الأوائل الذين حرروا هذه البلاد من المستعمر عبر معارك المهدية المقدسة ، وسيظل فنها سفرا محفوظا للأجيال القادمة ، رحلت شادن وهى تضع اللبنة الأولي لمشروعها الكبير ، رحلت شادن قبل أن تكمل مشروعها عندما إستهدفت مدافع الجلاد منزلها بأم درمان ، رحلت (شادن) ولحق بها صديقى أرنست وبلادنا مازالت تصارع أمواج الإحتكار وهيمنة المركز.
ولكن هاهي رآيات قائد التغيبر محمد حمدان دقلو تلتقى برآيات أهلنا الصوفية المطرزة بالنذر وبركات النساء ودعوات المظلومين.
إفتحوا أبواب المدينة
بدوي أنتَ؟ لا
من بلاد الزَنج؟ …لا
أنا منكم. تائه عاد يغنِي بلسان
ويصلَي بلسان
من بحار نائيات
لم تنر في صمتها الأخضر أحلام الموانئ.