
أبوعبيدة برغوث يكتب سلام ياصاحبي : جلحة،،، رجل كالموت
عندما لامس الفجر الشروق مع حرب الخامس عشر من أبريل أدرك حينها (جلحة رحمة مهدي ) (الجنرال جلحة) -أو هكذا قد عرفه السودانيون- أن مسيرة الحرية و العدالة عادت مجددٱ للواجهة تحت قيادة القائد الملهم محمد حمدان دقلو ، جاء (جلحة) كريح الشمال العاتية تسابق برق الصعيد الراعد جاء كسيول الأزرق العاتي تعانق شموخ جبال مرة وأنفة جبال النوبة ، جاء يحمل سلاحه بيمينه وكفنه بيساره جاء مكتمل العدة والعتاد ، إنخرط فى جبهات القتال المختلفة فكان حاضرا في كردفان الكبري وفي النيل الأزرق وأم درمان والخرطوم وبحري والجزيرة ، (محل ما ورت الذخيرة وشها) كان جلحة حاضرا بقواته، فقد كان العلامة الأبرز فى حكايات الحرب حتى عرفه الناس وينتظرونه عندما ينفض عن بزته العسكرية دخان المعارك ويرسل تحذيراته ومعها قفشاته بروحه المرحه في أحلك المواقف والظروف هاذئا بالموت مؤمنا بالقدر وكأنه يستلهم قول المتنبئ :
وقفتَ وما في الموت شكٌّ لواقفٍ
وقد خالطت شمَّ الأنوف الصوارمُ
فكنت وما بين الحسامين ضيّقٌ
كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمرُّ بك الأبطال كَلْمى هزيمةً
مرور كباش طاردتها ضراغم
وعرضك موفورٌ وجأشك ثابتٌ
ووجهك وضاحٌ وثغرك باسم
فهو رجل (كالموت) لا يتكرر فى الحياة أكثرمن مرة واحدة.
عمل منذ وقت مبكر لتحقيق العدالة بين الناس هو رفيق المحارب (فضيلى رحمة رحومة) الذى قاد قوات الجبهة الثورية فى عام 2012 الى هجليج وابوكروشلا فى عملية غيرت مجرى الأحداث فى السودان وعجلت بسقوط نظام البشير ،
كانت عملية ضرب حقول النفط أدخلت البشير ونظامة فى أزمة اقتصادية قادته للإنهيار ، إستشهد فضيلي فى تلك المرحلة ولكن أثره إمتد فسقط البشير ونظامه.
نساءنا عادة لا يبكين (الفرسان) بل يقمن برسم لوحة البطولة فى أغانيهن وأشعارهن حتى يظل الراحل خالدا تتوارث سيرته الأجيال وتحكي حكاياته للأحفاد ليتعلموا منها معنى الثبات والتضحية- هكذا يقاتل شبابنا عشرات السنين.
الجنرال (جلحة) ينتمى لهذه الأمة التى لا تنهزم لأن الخوف لا يعرف الطريق إليها فجلحة ليس محاربا فحسب بل هو معلم موغل فى عامية (البدو) العظماء قدم مفردة الرعاة إلى العالم منذ وقت مبكر وعبره تعرف الناس عليها من خلال حرب (15) ابريل تحت رايات المحارب و المعلم محمد حمدان دقلو كانت مفرداته يتتظرها السودانيين بشغف لأنه يقدمها بصورة تجمع الدراما والفكاهة والبطولة والفخر والعزة والشهامة فتأتي أكثر وضوحا لأنها تخرج مع دخان المعارك فى ميادين القتال ويلتقطها شعرائنا وادبائنا ويقدمونها فى قصائد شكلت مصدر إلهام للمقاتلين الاشداء.
جلحة ترك أثرٱ باذخا فى أدبيات الثورة وثقافة (البدو) العظماء وهو وآخرين تعرف من خلالهم السودانيون على تلك الثقافة و الحضارة وعلموا أن هناك أمة منسية ظلت تعيش على هامش الحياة ، كان (لجلحة) الأثر الطيب فى حياة السودانين وسيظل خالدا فينا منقوشا في دواخلنا كأيقونة للنضال والجسارة والشجاعة والتضحية والفداء…
طبت حيا وطبت ميتا وطبت في حواصل طير خضر في جنة عرضها السموات والأرض مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
الثلاثاء 28 يناير 2025م