Uncategorizedالرأي

محمد عبدالمنعم الريح السليمي المحامي يكتب.تنظيرة. الجيش السوداني وتسميم الحياة المدنية


[ الفريق ياسر العطا: إذا كنت حيا فإني سأقود انقلابا ضد اي عميل أو مرتزق حتي ولو صوت له 48 مليون ناخب ]منذ أن قرر عبدالله بك خليل في 17 نوفمبر 1958م تسليم السلطة إلي الجنرال إبراهيم أحمد البشير احمد عبود وهو من قبيلة الشايقية وفقا لبعض الروايات التأريخية وكان ذلك عقب المشاكل التي احاطت بحكومته كمشكلة الدستور الدائم والمعونة الأمريكية ومسألة حلايب وخشية إعتلاء الحزب الوطني اإاتحادي للسلطة، الراجح من الروايات يقول أن هناك إتفاق بين عبدالله بك خليل والفريق إبراهيم عبود بإستلام السلطة لمدة ستة أشهر علي أن يعود العسكر إلي (ثكناتهم) وتعود السلطة للمدنيين بعد إنجاز الدستور الدائم .
ولكن (الستة أشهر) أصبحت ( ست سنوات ) وإستحلي العسكر طعم السلطة وزج الجنرال بالقوة المدنية والسياسية في السجون بما فيهم عبدالله بك خليل نفسه ، إلا أنه يجب علينا أن نذكر أن هناك رواية أخري تنفي تسليم عبدالله خليل وأن الفريق عبود قام بإنقلاب عسكري.
المهم ؛ منذ تلك اللحظة دخل السودان في دوامة الانقلابات والثورات أو ما تعرف بدائرة الشر اللعينة.
أعقب ذلك ثورة أكتوبر 1964م ثم إنقلاب النميري الدنقلاوي مايو 1969م ثم ثورة أبريل 1985م ثم إنقلاب الإنقاذ يونيو 1989م بقيادة العميد عمر البشير الجعلي ، ثم ثورة ديسمبر المجيدة في 2018م أعقبها إنقلاب البرهان الجعلي في أكتوبر 2021م .
إذن فإن ثقافة الانقلابات أضحت راسخة ومتجذرة داخل المؤسسة العسكرية، مع عدد كبير من المحاولات الانقلابية الفاشلة ، وما حديث ياسر العطا إلا إنعكاس لهذه الثقافة التي يري فيها ضابط القوات المسلحة أنه القيم علي الشعب وإختياراته وأنه الوطني الوحيد والبقية عبارة عن خونة ومرتزقة وعملاء وهي أوصاف عملت الحكومات العسكرية الديكتاتورية علي ترسيخها في الذاكرة الجمعية للمواطن السوداني لتسهيل مهمة قبوله عند القيام بأي إنقلاب.
هناك الكثير من الأصوات التي تتحدث عن أن وراء كل إنقلاب عسكري حزب سياسي وهذه حقيقة كما في حالة إنقلاب عبود في مفتتح المقال، وإنقلاب نميري الذي كان يقف ورائه القوميين العرب والشيوعيين وانقلاب الإنقاذ بقيادة الإسلاميين.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من المسؤول الأول عن هذه الإنقلابات هل هم المدنيين أم المؤسسة العسكرية، أنا أقول بكل إطمئنان أن المؤسسة العسكرية هي المسؤول الأول والأخير عن كل مصائب السودان التي حلت بنا وذلك بسبب قطع الطريق أمام التطور الطبيعي للدولة السودانية عبر ديمقراطية مستدامة يتم فيها تداول السلطة سلميا، فكل الحكومات العسكرية المتعاقبة شهدت مجازر وإبادات وإقصاءات للمواطنيين السودانيين، كما شهدت تراجع مريع في الإقتصاد والخدمات وفي كل مناحي الحياة ، فالأحزاب السياسية وجدت لتحكم عبر صناديق الإقتراع، وأن القوات المسلحة وجدت لحماية الحدود والأرض ضد أي إعتداء خارجي وحماية الدستور من تغول المدنيين والعسكريين معا علي السلطة، لذلك فإن مقولة أن الأحزاب السياسية هي من يقوم بالإنقلابات العسكرية نقول نعم نتفق ولكن إن لم تستجيب المؤسسة العسكرية المسماة بقوات ( الشعب) المسلحة والتي يتم الصرف عليها من جيب ( الشعب ) من مباني تسمي الكلية الحربية إلي معدات تدريب وتغذية ممتازة لا يجدها غالبية ( الشعب ) دافع الضرائب ومكاتب فارهة وتسليح لحماية ( الشعب ) من الأعداء لا لقتل ( الشعب ) بذات السلاح الذي يتم شراؤه بأمواله ، ولحماية دستور ( الشعب ) الذي إرتضاه لحكم نفسه بنفسه وليس الإنقلاب علي من إرتضاه الشعب عبر صناديق الإقتراع والحجر علي ( رأي ) الشعب و(حريته) في إختيار ممثليه في السلطة التشريعية ورئيس السلطة التنفيذية ، فالشرطة كمؤسسة مثلا فإن أحد أدوارها التي أنشئت من أجلها هي حماية الممتلكات العامة والخاصة ومكافحة الجريمة والقبض علي المجرمين وتقديمهم للسلطة القضائية لمحاكمتهم ، إذن فإن تواطؤ بعض ضباط وجنود الشرطة مع أحد المجرمين لا يعطي شرعية للجريمة ولا للمجرم ولا يعفي المجرم أو المتواطئين معه من الجريمة
وبالتالي لا يعطي شرعية للمجرم ولا للجرم المرتكب، وبذات المقاربة فإن الانقلاب العسكري يجب ألا يعطي الشرعية للإنقلابيين المدنيين منهم والعسكريين.
تعالوا نتخيل معا ما إذا كان الجنرال عبود وبعده النميري وبعده البشير قد إلتزموا بالقسم الذي أقسموه بحماية الأرض برا وبحرا وجوا وحماية الدستور والحكم المدني الديمقراطي ، ماذا كان سيكون شكل السودان الآن بعد ٧٠ سنة من تداول الحكم المدني الديمقراطي وتطور تجربة الأحزاب السودانية التي كانت ستجد الطريق موصدا أمامها للوصول إلي السلطة ألا عبر صناديق الاقتراع؟؟؟
إن السودانيين وبعد كل هذه التجارب للحكومات العسكرية المغلفة بأحزاب سياسية وكل الحروب والموت والدمار والتشرد داخليا وخارجيا وإنفصال الجنوب هاهو الجنرال (العطا) والذي يمثل قمة الهرم في مؤسسة الجيش يوعدهم ويتوعدهم بالإنقلاب علي من سيختارونه مستقبلا إن رأي (هو) إن هذا الشخص في نظره (منفردا) (عميل ومرتزق ) حتى ولو إختاره كل الشعب السودانى.
لذلك عندما نقول إن هذه المؤسسة يجب تفكيكها وإعادة بنائها علي أسس مهنية وعقيدة ثابتة ومهام محددة ليس من بينها الحكم أو تقديم بندقيتها لأي مغامر يريد أن يتسلط علي رقاب السودانيين الذين رفضوا أن يأتوا به عبر صناديق الإقتراع.
ملحوظة:
ذكر قبائل كل من قاموا بانقلابات عسكرية ناجحة مقصود.
ونواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى