
ابوعبيدة برغوث يكتب سلام ياصاحبي : مذابح ؟
صديقى( دلمان) إن الصورة التى (رسخت) فى الأذهان لدى الكثيرين وعمل ويعمل نظام النخب علي ترسيخها بإسم الحضارة هي أن الشمالي لا (يقتل ولا يذبح) إبدٱ وإنما الجنجويد هم القتلة حتى وإن كانت الحقائق الماثلة والأدلة الدامغة والتاريخ يثبت بما لايدع مجالا للشك غير ذلك وأن مؤسسات الدولة السودانية – (الأمنية والعسكرية والسياسية) ظل منهجها قائم على(الذبح و القتل) من أجل ضمان إستمرار من هم على سدتها من النخب الشمالية في السلطة ، ليأتي السؤال الجوهري هل كان العالم غافلا عن تلك الحقيقة!! الإجابة بالطبع لا ، ولكن إلي متى الصمت !! – فإذا كان التاريخ سجل ورصد ووثق أكبر عمليات الإبادة الجماعة منذ بدء الخلقية فإن الذي يجرى فى السودان بحق الشعوب السودانية وشعوب (البدو) خاصة تجاوز ما يمكن أن يتخيله الإنسان بشأن الإبادة الجماعية (قتلا وذبحا وحرقا) وبطرق ممنهجة.
– وانت تسالنى (ياصديقى) عن حقيقة ما جرى وما يجري ؟ فهل تتوقع منى أن أقول لك خلاف ذلك وهل تتوقع أن ندفع بكوادر لمواجهة أحداث سياسية و(مذابح) تستهدف شعوب (الهامش) وهى مهزومة نفسية ومازالت تعتقد أن الجلاد هو الأفضل ويحظى بأدوات التفوق والأفضلية.
علينا (ياصديقى) أن نبدأ ببناء ذاتنا لأننا (أمة) تمتلك (أدوات التفوق) ولكن الذين يرددون (عاش البطل) كما تعلموه من مدارس (النخب) سيئة الذكر لا أعتقد أن لهم الإرادة والقدرة على تحمل مشاوير النضال الطويل.
ياصديقى نحن (أمة) لا تهزم فقط المطلوب منا تنظيم صفوفنا والإستعداد لمسيرة النضال الطويلة فمن أصابه (الإعياء والتعب) فلسيتريح مع أخواته كما قال القائد الملهم قائد التغير (محمد حمدان دقلو) او كما قال الناظر (بابو نمر) أن محمد حمدان هو هبة السماء ، وأنا أقول أن هذا الرجل الذى إستطاع توحيد (شعوب) الهامش حول (المصير المشترك) علينا أن لا (نخذله) وعلينا ايضٱ ألا نجامل الآخرين فى القضايا المصيرية الكبرى.
إن الثورات الكبرى دائما ما تحتاج إلى قرارات صارمة وعنيفة فى تصحيح مسارها بجانب تفسير الشكوك لصالحها وليس للأفراد.
ياصديقى تحضرنى هنا مقولة فى أدبيات الثورة لصديقنا نور الأنبياء ( كايدا) فى نص من قصيديته (شكرٱ جزيلا ياوطن إن الحرب طالت) ، وحتى نستعد لهذه الحرب الطويلة علينا الإستعداد ببناء كادر مؤهل وثورى مدرك لتعقيدات الحرب والخصم حيث مازال الأمل فى بناء وطن يسع الجميع قائما وأعتقد أن ذلك هو ما دفعنى لمراجعة ذلك الملف الحساس.
وبينما كنت أراجع (مكتبة الأغانى) الخاصة توقفت عند تلك اللوحة (التراجيدية) التى تشكلت بين الفنان عمر إحساس وملاذ غازى من خلال أغنية (الصغيرون) وتلك التي رسمها محمود عبدالعزير – الحوت فى أغنية (زينوبا) وهما لوحتان كفيلتان بأن تجعلنا نعيد قراءة الواقع فى بلادنا.
وبينما أنا أعبر مطارات إفريقيا في رحلة التسفار التي لم تتوقف وفي لحظة تأمل سألت عنك وعن حال البلد المنهار الأمر الذي يتطلب من الجميع العمل سويا من أجل توحيد الهامش وصولا لوحدة السودان أرضا وشعبا ، وإن ذلك يتطلب من الجميع عدم التوقف عند نقطة من يقوده ولأن ما يهم هو أن بلادنا أمام فرصة تاريخية للبناء والعبور يجب إغتنامها.
بينما كنت أطالع قضية التنوع فى مشروع السودان الجديد لدى الدكتور جون قرنق دى مبيور وأنا أغسل قدمي على ضفاف البحيرة (المقدسة) حاولت أن أتجاذب أطراف الحديث مع إحدي الجالسات فى الجوار متسائلا هل لديها علم بما يدور فى بلادنا وهل كانت هنا عندما عبر جون قرنق هذه البحيرة؟ ولكن نبهنى أحدهم أن النساء هنا لا يتحدثن (للغريب) وأجاب هو نفسه قائلا : كنت هنا وطالعت (المنفستو) الذى كتبه قرنق فى عام 1983 وهو (منفستو) مهتم بقضية التنوع السودانى حيث جاء فيه بحسب (قرنق) إجتمعنا فى عام 1983 فى الغابة بعد حوادث (بور والبيبور وفشلا وأيوت) وكان السؤال الذى وأجهنا هو: من أجل ماذا نقاتل؟ وما هو هدفنا؟…ومنذ اليوم الأول- أشرنا الى ذلك فى منفستو الحركة حيث وقفنا مع وحدة بلدنا وفق أسس جديدة.
ياصديقى أنت أيضا قد تسألني عن موقف تحالف (تأسيس) وهو سؤال يطرحه الجميع وأنا أخبرك حتى أكفيك مشقة السؤال وأقول أن هذا التحالف يمكن أن يصير الطريق الأمثل لتخليص السودانين من الأزمات التاريخية المتراكمة من خلال تبنيه لمعالجة جذور الأزمة والتى تكمن فى قضايا العدالة والمساواة بين السودانين والمواطنة على أساس الحقوق والواجبات ، ولكن ياصديقى إن هذا المفهوم العميق يحتاج إلى كادر ناضج ومدرك لمفهوم المواطنة حتى لا يتلاعب النخب بالمفهوم.
أما عن حقيقة نضال الحركات المسلحة التى إنحازت للجيش وكانت في السابق تتحدث عن مشروع تحرير الهامش فإن العالم وقف على حقيقتها من خلال مداخلة لمستشار (الدعم السريع) مولانا محمد المختار (لقناة فضائية) عن موقف مناوى عندما قال أن (مناوى) طلب منهم المال مقابل الوقوف فى صفهم وعندما رفض (الدعم السريع) منحه المال ذهب الرجل وعرض نفسه (للطرف الآخر) ويبدو من خلال من خلال الواقع أن ذلك الطرف إشترط عليه (حرق) دارفور من خلال الدفع بالإقليم نحو هاوية الصراعات القبلية مقابل (المال)
إنطلاقا من مدينة الفاشر- وإن كان الناس فى الإقليم ظلوا يعملون على تفادى ذلك من خلال التواصل فيما بينهم- وفى إعتقادى أن مواقف مناوى وجبريل إبراهيم كشفت حقيقة مواقفهم من قضايا العدالة والمساواة بين السودانيين.
وعليه ياصديقى يجب أن تأخذ هذه الحركات التى خرجت عن الحياد مسألة الوحدة بين الذين يؤمنون بالتغيير وإقامة دولة العدالة مأخذ الجد فمازال هناك العديد من الحركات فى الإقليم دخلت تشكيلات التحالف العسكرية فى إطار وحدة بندقية النضال فى جبهات القتال المختلفة ، سياسيٱ أيضا تعمل مع الآخرين من أجل بلورة موقف موحد يأتى بالحل ويحقق السلام العادل بين السودانيين.
ياصديقى هنا تحضرنى مقولة الشهيد عبدالعظيم المنتمى لمدينة نيالا العظيمة لقد تعبنا يا صديقي ولكن لا يمكننا أن نستلقي في المعركة