
الطيب الهادي يكتب : الأزمة الإنسانية في السودان: كارثة القرن وصمت العالم
يشهد السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث وصفتها الأمم المتحدة بأنها “أكبر أزمة نزوح في العالم حاليًا، وأحد أسوأ الأزمات الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية”، وفقًا لمفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الذي قال في فبراير 2024:
“ما يحدث في السودان كارثة إنسانية غير مسبوقة. النزوح، الجوع، والحرمان بلغ مستويات لا يمكن تصورها”.
منذ اندلاع الصراع الدموي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، يواجه المدنيون أوضاعًا مأساوية. وبدلاً من تسهيل وصول الإغاثة، أقدم الجيش السوداني على منع دخول المساعدات الإنسانية إلى العديد من المناطق المتضررة، لا سيما في إقليم دارفور وولاية الخرطوم، مما أدى إلى تفاقم معاناة المدنيين، خاصة النساء والأطفال.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن “أكثر من 18 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم حوالي 5 ملايين يواجهون ظروفًا شبيهة بالمجاعة”. كما أشار تقرير صادر عن البرنامج العالمي للأغذية (WFP) في يناير 2024 إلى أن “القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية تعرّض أرواح ملايين السودانيين للخطر”.
ورغم التحذيرات المتكررة من المنظمات الإنسانية، فإن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات حاسمة لوقف الكارثة أو الضغط على الأطراف المتحاربة لفتح الممرات الإنسانية. وقالت روزالين مارتن، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان:
“نواجه صعوبات غير مسبوقة في إيصال المساعدات. هناك مناطق لم نتمكن من الوصول إليها منذ شهور، فيما يموت الناس بسبب الجوع وسوء التغذية أمام أعيننا”.
الصمت الدولي إزاء هذه المأساة يثير علامات استفهام كبيرة. فبينما تتحرك دول العالم بسرعة تجاه أزمات أقل حدة، تقابل الأزمة السودانية بلا مبالاة وتجاهل مريع، في ظل تدهور غير مسبوق في الوضع الإنساني، وغياب التغطية الإعلامية الكافية.
إن السودان لا يحتاج إلى كلمات تعاطف، بل إلى تحرك عاجل لوقف النزيف الإنساني. المطلوب اليوم هو فتح ممرات إنسانية فورًا، وفرض ضغوط سياسية واقتصادية على كل من يعرقل وصول الإغاثة إلى المدنيين، ومساءلة المتسببين في هذه الكارثة التي ستبقى وصمة في جبين الإنسانية.