
الطيب الهادي يكتب : مسرحية زمزم: ليس كل من حمل السلاح يُجيد فن التمثيل
يوم أمس، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مشاهد “درامية” من داخل أحد المعسكرات في دارفور، توثق ما يبدو وكأنه مشهد مأساوي من ضحايا الحرب. وجوه شاحبة، أجساد ممددة على الأرض بطريقة مرتبة، رجال يرتدون زيَّ منظمات، وآخرون يمارسون دور “المسعفين” الذين ينقلون “الضحايا” على نقالات، بينما النساء يبكين ويهيلن التراب على رؤوسهن في مشهد حزين. ولكن من دقق النظر، سيكتشف أن الجميع أحياء، يتحركون، وبعضهم يعدّل ملابسه أمام الكاميرا. المشهد الذي صورته الكاميرات ليس أكثر من تمثيلية مكشوفة، تحاول أن تصور معاناة حقيقية بينما هي في الواقع محاولة ترويجية لمأساة مفبركة.
إخراج الفل مارشال… وتنفيذ “القوة المشتركة”
تظهر الحقائق أن من يقف خلف هذه المسرحية هو الفل مارشال، لكن التورط الأكبر يأتي من “القوة المشتركة” بقيادة مني أركو مناوي، وزير المالية في الحكومة السابقة، وجبريل إبراهيم، قائد حركة العدل والمساواة. هذه القوة التي كانت في السابق تعتبر محايدة وتقوم بدور إنساني في حماية المدنيين وتسهيل دخول الإغاثة، اختارت في خطوة مفاجئة الدخول في خندق واحد مع الجيش، محولةً نفسها إلى جزء من آلة الحرب.
بعد أن كانت القوة المشتركة تمثل أملًا للمواطنين في تلقي المساعدات وحماية المدنيين، قررت هذه الحركات أن تترك هذه المسؤولية وتختار الحرب مع الجيش ضد المواطنين العزل. بل وأكثر من ذلك، تسبب هذا التحول المفاجئ في قطع الإغاثة التي كانت تدخل إلى المنطقة، مما أدى إلى تعميق المعاناة الإنسانية.
نفاق سياسي على جراح الأبرياء
التمثيل على دموع النساء والأطفال ليس بطولة، بل خيانة لمبادئ الحماية والعدالة. قادة “القوة المشتركة” الذين وقعوا في فخ التحالف مع الجيش بدل أن يدينوا قصف القرى وتشريد السكان، أصبحوا جزءًا من الحرب، واختاروا المتاجرة بمعاناة المدنيين، سواء بتصوير مشاهد مزيفة أو بممارسة سياسة النفاق والتلاعب في المواقف.
كسرة#
ليس كل من حمل السلاح يُجيد فن التمثيل. قادة “القوة المشتركة” الذين تحولوا إلى جزء من آلة الحرب يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم عن هذه المآسي. إن كانوا حقًا صادقين في نضالهم من أجل أهل دارفور، فعليهم أن يثبتوا ذلك بخطوات ملموسة، ليس عبر مسرحيات تافهة وأكاذيب، بل من خلال وقف الحرب، وضمان دخول الإغاثة، والعودة إلى حماية المدنيين وليس قتلهم.
الطيب الهادي #